القائمة الرئيسية

الصفحات

إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟

إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
في الواقع توجد.
لماذا لا تكون عين الإنسان حمراء أو برتقالية؟ الإجابة طويلة وتستحق بعض الشرح الممتع!
في نهاية الموضوع سأخبرك بقصة هذه السيدة التي تظهر في الصورة، تابع القراءة!

هل تمتلك الحيوانات عيوناً ملونة؟

سأبدأ بتقديم بعض الصور. الصورة الأولى هي لضفدع الشجر (Tree Frog). هل تشاهد العيون الحمراء؟ مدهشة! بالتأكيد أنك شاهدت صورة لهذا الضفدع في السابق. لون أحمر مميز يندر وجود مثله في الطبيعة.
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
هناك الكثير من الحيوانات الأخرى التي تمتلك عيوناً حمراء. معظمها من الزواحف مثل بعض أنواع السحالي والأفاعي، وكذلك الأسماك وبعض الطيور. انظر عيون طائر البلشون (Heron).
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
اللون الأحمر إذاً موجود في مملكة الحيوان، ولكنه قليل الحضور. أما اللون البرتقالي فهو أشيع بكثير. هناك الكثير من الحيوانات التي تمتلك عيوناً برتقالية وحتى صفراء. انظر مثلاً هذه البومة.
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
كذلك الكثير من القطط كما هو معروف تمتلك عيوناً برتقالية. بالإضافة إلى أقربائها المفترسة من السنوريات مثل الأسود والنمور.
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
ماذا عن عين الإنسان؟ في الواقع يمكن لعين الإنسان أن تمتلك فقط أحد الألوان التالية: الأزرق، الرمادي، الأخضر، العسلي، البني، أو الأسود، طبعاً مع تدرجات هذه الألوان.
أما الألوان الأصفر، البرتقالي، الأحمر، أو البنفسجي فهي غير ممكنة لدى الإنسان.
ولماذا لا يمكن أن تتخذ عين الإنسان هذه الألوان مثل الحيوانات التي ذكرناها أعلاه؟ يحتاج هذا لبعض الشرح.
الآن ستبدأ الإجابة على سؤالك!

القسم الأول: لماذا عين الإنسان ملونة؟

إن الجزء الملون من عين الإنسان هو الجزء الذي ندعوه باسم القزحية (iris). القزحية هي الجزء الخارجي الملون من العين. ويوجد في وسطها فتحة صغيرة هي فتحة الحدقة أو البؤبؤ التي تبدو بلون أسود.
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
تمتلك القزحية وظيفتين: الوظيفة الأولى هي حجب الضوء ومنعه من الدخول إلى العين إلا من خلال الحدقة الصغيرة، التي تشكل منفذ الضوء إلى داخل العين.
أما الوظيفة الثانية فهي التحكم بكمية الضوء الذي يصل إلى الداخل من خلال توسيع أو تضييق فتحة الحدقة، تماماً مثل عدسة الكاميرا.
من أين تحصل القزحية على لونها؟ بشكل رئيسي من مادة الميلانين. قبل أن نتحدث عن ألوان العين لنتحدث أولاً عن الميلانين.

القسم الثاني: مادة الميلانين

الميلانين (melanin) هي المادة الصباغية التي تعطي الجلد لونه في الواقع.
الأشخاص الشقر لديهم كمية قليلة من الميلانين في الجلد. أما السمر فلديهم كمية متوسطة. ولدى السود فهناك كمية كبيرة من الميلانين في الجلد.
تحدد كمية الميلانين في الجلد بشكل وراثي، فكل شعب وكل منطقة تتميز بوجود كمية معينة من هذا الصباغ مما يعطي الجلد درجته اللونية المميزة.
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
نفس هذه المادة توجد في القزحية، حيث تلعب دوراً هاماً في تحديد لون العين. كلما كانت كمية الميلانين أكبر كلما كان لون العين أغمق.
سأعيد ترتيب الألوان مرة أخرى لدى الإنسان: الأزرق، الرمادي، الأخضر، العسلي، البني، أو الأسود. لاحظ التدرج المذكور: من الفاتح إلى الغامق، حسب كمية الميلانين الموجودة.
سأخرج قليلاً عن الموضوع. هل سمعت بمرض البهاق (albinism)؟
البهاق هو مرض معروف للجميع. في هذا المرض يبدو الإنسان شديد البياض ومائلاً إلى الحمرة. وهو مرض وراثي يفشل فيه الجسم في تركيب مادة الميلانين.
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
يفتقد الجلد لدى هؤلاء المرضى بشكل جزئي أو كامل إلى الميلانين مما يجعله شديد البياض. أما القزحية فهي تكون زرقاء ناصعة. بالمناسبة هذا المرض يمكن أن يصيب الحيوانات أيضاً.
ولكن مهلاً: طالما أن الميلانين غير موجود في الجسم، فلماذا لا تكون القزحية هنا بيضاء أيضاً؟ من أين أتى اللون الأزرق؟؟؟ هذا هو موضوع الفقرة التالية!

القسم الثالث: هناك عوامل أخرى!

في الواقع ليس الميلانين فقط هو من يلعب دوراً في تحديد لون القزحية، وإنما هناك أيضاً عدة عوامل أخرى.
من هذه العوامل (بالإضافة إلى الميلانين) أذكر لك شكل عضلات القزحية وتعرجاتها، وكثافة الأوعية الدموية فيها، وتوزع مادة الكولاجين التي تشكل البنية الأساسية للشبكية، ووجود أصبغة أخرى غير الميلانين تعطي درجات مختلفة من الألوان للشبكية.
فإذاً لون القزحية هو النتيجة النهائية لجميع هذه العوامل مجتمعة. حسب هذه الخصائص الفيزيائية والكيمائية معاً يتحدد لون القزحية.
وإذا غابت مادة الميلانين ظهرت القزحية بلون أزرق. لماذا؟
لأن البنية الناتجة عن هذه العناصر معاً تشتت اللون الأزرق أكثر بكثير من بقية الألوان، وذلك بسبب خصائصها الفيزيائية وبسبب قصر موجة اللون الأزرق، فتظهر القزحية بلون أزرق في حالتها الصرفة. تذكر: لماذا السماء زرقاء؟ لنفس السبب تماماً: لأنها تشتت اللون الأزرق.
فإذاً الأزرق هو اللون الأساسي، وكلما زادت كمية الميلانين في القزحية كلما أصبح لون العين أغمق.
حتى الآن لم أقدم لك الإجابة. لماذا لا يمتلك البشر عيوناً برتقالية أو حمراء؟

القسم الرابع: العيون العسلية

في الواقع، مهما تبدلت نسبة العناصر المذكورة أعلاه، إلا أنها لا يمكن أن تنتج اللون الأصفر، اللون البرتقالي، اللون الأحمر، أو اللون الأرجواني. يمكننا القول بأن هذه الألوان هي الألوان المستحيلة، تقريباً.
الاحتمال الأقرب لهذه الألوان هي العيون العسلية، والتي تعتبر قليلة إجمالاً لدى البشر. وتدعى بالإنجليزية بعيون الكهرمان (amber eyes) تشبيهاً بحجر الكهرمان الطبيعي (amber).
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
تتخذ العيون لدى بعض الناس اللون العسلي بسبب وجود مادة صباغية معينة بنسبة مرتفعة مقارنة بباقي الناس.
هذه المادة تدعى باسم الفيوميلانين أو الليبوكروم (lipochrome)، ويمكن تعريبها إلى مصطلح "الصباغ الدهني".
حين تكون كمية الميلانين قليلة وكمية الليبوكروم كبيرة في القزحية فإن ذلك يؤدي إلى اللون العسلي المميز، والذي يتألق بلون برتقالي رائع حين يتعرض للضوء.
تأمل هذه الصورة الرائعة!
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
طيب. ننتقل إلى السؤال التالي:

القسم الخامس: لماذا تكون هذه الألوان ممكنة لدى الحيوانات وليس لدى البشر؟

ببساطة لأن لديها في جيناتها أصبغة ليست موجودة لدى الإنسان. كما أن نسبة الأصبغة لديها مختلفة عن الإنسان.
على سبيل المثال تمتلك الكثير من الطيور عيوناً صفراء مثل البومة التي شاهدناها في الأعلى، وذلك لأن عيونها تحتوي على مادة كبيرة من مادة الليبوكروم لا يمكن للإنسان أن يركبها.
كمثال آخر تحتوي القزحية لدى بعض الطيور على مادة صباغية تدعى باسم البيتريدين (pteridine). هذه المادة غير موجودة لدى الإنسان وهي تمنح عين الطير لوناً برتقالياً. انظر مثلاً هذه الحمامة الجميلة:
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
وماذا عن اللون الأحمر؟
ينتج اللون الأحمر أيضاً عن وجود مواد صباغية أخرى تدعى بالأصباغ الشبيهة بالكاروتين (carotenoids). ومجدداً فإن هذه المواد غير موجودة لدى الإنسان، وجينات الإنسان غير قادرة على تركيبها.
وهذه المواد الصباغية نادرة في الطبيعة، والقليل من الحيوانات يمتلك اللون الأحمر الصرف في العين، كما في ضفدع الشجر الذي شاهدناه في بداية المقالة. وكذلك في بعض الزواحف والثعابين:
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
ماذا عن الإنسان؟ لا يمكن لعين الإنسان أن تكون حمراء، وذلك لأن الإنسان لا يمكن أن يركب الأصباغ الشبيهة بالكاروتين. كما أن بنية القزحية وتوازن الأصبغة فيها لا يمكن أن تسمح بتشكل البنية الفيزيائية التي تعكس موجات اللون الأحمر وتمتص بقية الألوان.
في الواقع هناك حالة واحدة فقط يمكن أن تكون فيها العين حمراء اللون. سأعود مرة أخرى إلى موضوع البهاق.

متى تكون عين الإنسان حمراء؟

لنقل أن المريض يعاني من درجة شديدة من البهاق بحيث لا يمكنه تركيب أي كمية من الميلانين ولا الأصبغة الأخرى القريبة منه.
ولنقل أن القزحية لديه كانت رقيقة جداً بحيث أن ألياف الكولاجين الموجودة تكون شفافة تقريباً. ما الذي سيحدث في هذه الحالة؟
في هذه الحالة الفريدة ستتمكن من مشاهدة الدم الذي يتدفق داخل الأوعية الدموية الرقيقة في القزحية: العين الحمراء، حالة نادرة جداً.
على الرغم من ذلك لا يمكن أن تتخذ العين اللون الأحمر الصارخ كما يشاهد في مملكة الحيوان. وإنما ستكون العيون زرقاء وذات صبغة حمراء كما لدى هذا الطفل.
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟

ماذا عن اللون الأرجواني؟

اللون الآخر شبه المستحيل لدى الإنسان هو اللون الأرجواني أو البنفسجي. يقال بأن الممثلة إليزابيث تايلر (Elizabeth Taylor) كانت تمتلك عيوناً بنفسجية (توفيت عام 2011).
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
ولكن يُعتقد بأن الحالة التي لديها كانت عبارة عن درجة بين الأزرق والرمادي أكثر من أن يكون لوناً أرجوانياً حقيقياً. وحين يسقط الضوء بالشدة المناسبة والزاوية المناسبة على عينيها فإن ذلك كان يؤدي إلى تألقهما بلون بنفسجي.
نظرياً يمكن لهذه الحالة أن تحدث إذا كانت القزحية متوسطة الزرقة ورقيقة جداً في الوقت نفسه مما يسمح بامتزاج اللون الأزرق مع اللون الأحمر القادم من الأوعية الدموية. ويؤدي هذا الامتزاج إلى توليد اللون البنفسجي.

هل لا يزال لديك أسئلة؟

أتصور نعم. سوف تسألني عن قصة السيدة ذات العيون الحمراء في بداية المقالة.
لقد قمت بتعديلها على الفوتوشوب 😅 وهذه هي الصورة الأصلية:
إذا كانت هناك عيون بنية، وزرقاء، وخضراء، فلماذا لا توجد عيون برتقالية مثلا أو حمراء؟
الآن أخبرني: هل تجد العيون الحمراء جذابة؟
أنت الان في اول موضوع
هل اعجبك الموضوع :

تعليقات